السيد د. جعفر فضل الله

قضيّة فاطمة الّتي سجنت بسبب إصرارها على مخالفة قرار المحكمة الشّرعيّة الّتي أعطت زوجها حقّ حضانة ابنهما، وإصرارها على الاحتفاظ به في رعايتها، وتفاعل الرّأي العام مع هذه القضيّة، دفع بالإعلام إلى تسليط الضّوء عليها، ومنه برنامج الأسبوع في ساعة، مع الإعلامي جورج صليبي، الّذي تعرّض لهذه القضيّة، وكان له اتّصال هاتفيّ مع سماحة السيّد جعفر فضل الله، حيث قدّم مداخلة حول الموضوع، بيّن فيها أبعاد المسألة.

وهذا نصّ الأسئلة وإجابة سماحته عليها.

قضيّة تشغل الرّاي العام

س: قضيّة فاطمة تشغل الرّأي العامّ، كيف يمكن أن يقوم القاضي في المحكمة الجعفريّة بقرار مثل هذا القرار، في ظلّ عدم وجود طلاق بين الطّرفين؟

هل تشرح لنا سماحة السيّد هذا الأمر، وما هي نظرتكم إلى المسألة؟

السيّد جعفر: الموضوع فيه الكثير من التّفاصيل والأبعاد، ويبدو أنّ هناك مشكلة بين الطرفين، ولا بدَّ في مثل هذه الحالة، من معرفة التَّفاصيل ومجريات العمليّة القضائيّة بشكل تفصيليّ، لإبداء الرّأي في مسار العمليّة القضائيّة.

ولكن أريد أن أركّز من وحي الحراك على عدة نقاط:

أوّلاً: إذا لم يكن هناك طلاق، وكانت الحياة الزوجيّة قائمة، فالولد سيكون في حضن الزّوجين وليس في حضن أحد المطلّقين، وهذا الموضوع يجعل مساحة الإمكانيّة والتدخّل أوسع من موضوع الطّلاق.

إذا صار هناك طلاق، فسيكون بين يدي القاضي مستند يعتمد على فتوى، وهي أنَّ الصبيّ يبقى في حضانة الأمّ حتّى عمر السّنتين، وبعدها تصبح الأحقيَّة للوالد، أمّا البنت، فحضانة الأمّ لها حتّى عمر سبع سنوات.

وطبعاً، القاضي إنّما يعمل وفق مستند، وقد يكون الموضوع شيئاً آخر.

والفقهاء إنّما يتحدّثون عن الحضانة بعد الطّلاق، أمّا قبل حصول الطّلاق، فالفقهاء لا يتحدّثون عن حضانة، إنما عن شقاق بين الزّوجين، وهو ما يحتاج إلى محكمة عائليّة تحلّ الموضوع، وعندما يصل إلى الطّلاق، يصبح الموضوع موضوع الحضانة.

رفع سنّ الحضانة!

س: سماحة السيّد، من موقعك، بماذا تنصح في مثل هذه الحالة وما هي الكلمة التي توجّهها من موقعك الدّينيّ؟

السيّد جعفر: هناك نقطتان أساسيّتان: هناك موضوع له تفصيلات، وحكم القاضي ضمن مستند موجود بين يديه لا يعني أنّ القاضي فاسد.. هناك الكثير من النّقاط التي برزت في الإعلام والصّحف عن فساد في المحاكم فيما يتعلّق ببعض القضايا السّابقة، وهذا الأمر يجب أن يعالج ضمن الأطر الصّحيحة. هذا فيما يتعلّق بموضوع الطّلاق والفساد.

ثانياً: موضوع سنّ الحضانة؛ هل إنّ رفع سنّ الحضانة هو أمر مشروع؟ نعم، وهناك أساس فقهيّ له، والاجتهاد عندنا مفتوح، ونحن نغتني بذلك.

وهناك آراء متعدِّدة في موضوع الحضانة قديماً وحديثاً. فالشّيخ الطّوسي، والّذي هو أحد كبار علماء الشيعة، يتحدَّث منذ حوالى ألف سنة عن أن يكون سنّ الحضانة سبع سنوات أو ثمان. والسيّد فضل الله يرى أن يكون سنّ السّابعة هو فترة حضانة الأمّ للصبيّ والبنت.

هناك آية في القرآن تقول: {لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ}[البقرة: 233]، أي أنَّ الطّرفين يجب أن يكونوا على درجة واحدة من أمور الولد، لكي لا يكون الولد مثل كرة القدم، يتقاذفه كلّ طرف بما يناسبه، لأنّ المطلوب صلاح الولد، وهكذا حال يؤدّي إلى فساده والإضرار به.

الدّراسات التربويّة والنفسيّة لا بدَّ من أن تؤخذ بعين الاعتبار في هذا الموضوع. فالولد في البيت الزّوجيّ يكون في حضن آمن، وهو ما يجب تأمينه في حال الطّلاق، لا أن يصبح الولد في بيئة غير آمنة ولا مستقرّة نفسيّاً، وهذا ما قد يتطلَّب رفع سنّ الحضانة، وهو موضوع يعالج داخل المؤسّسات الدينيّة نفسها، ولدى مراجع الدّين المعتمدين في المحاكم الشرعيَّة. وما يجري على الأرض من حراك حول هذه القضيّة، يولّد حافزاً للكثيرين بأن ينظروا إلى الموضوع بعين جدّية، حتى نرفع على الأقلّ من الجانب القانوني هذا العبء وهذا الضّغط.

فيديو المداخلة التلفزيونيّة