العنف التكفيريّ ومسؤوليّات الغرب


تتكرّر الأحداث العدوانيّة على المجتمعات الغربيّة عمومًا، والّتي يقوم بها أشخاص ينتمون إلى حركات إسلاميّة عُنفيّة. وقد أصبحت بعض البلدان، كفرنسا، تشهد ما يُشبه المسلسل الّذي تتصاعد فيه الأحداث وتتنوّع، بما اعتُبر مؤشّرًا على تطوّر أساليب تلك الحركات، بدءًا من الهجوم على الصحيفة الساخرة “شارلي إيبدو”، مرورًا بالهجوم على الملعب الرياضي وبعض أحياء باريس، وصولًا إلى نيس، حيث اندفع شابّ ثلاثيني في شاحنة كبيرة ليدهس ويقتل العشرات ممن كانوا يتجمّعون لإحياء بعض المناسبات الوطنيّة الفرنسية، إلى ذبح القسّ الفرنسي في إحدى الكنائس شمال البلاد…

وقد ظهرت الكثير من المواقف المتناقضة، فبعضٌ رحّب بهذه العمليّات “الجهاديّة” وهلَّل لها، وبعضٌ آخر رحّب في السرّ وسكت أو رفض في العلن، وبعضٌ ثالث رفضَ هذه الأعمال واستنكرها، وبعضٌ بالغ في الاستنكار وزايد في الهجوم على المسلمين جميعًا، وبعضٌ رفض في العلن، ولكنّه اعتبر أنَّ هذه الأعمال مفيدة في عملية تذكير الحكومات والشعوب بما يعانيه المسلمون في أكثر من بلدٍ عربي وإسلامي، على قاعدة “طابخ السمّ آكله”؛ باعتبار أنَّ كثيرًا من الحكومات الغربيَّة دعمت هذه الحركات الإسلاميّة العنفيّة، وبعضها سهَّل لها اختراق حدود الدول والسّيطرة على جغرافيّات واسعة، بما اعتُبر عمليّةً تصبّ في إعادة رسم خريطة المنطقة العربيّة والإسلاميّة ككلّ.

أيًّا يكن الحال، سنحاول في المقالة الإجابة عن سؤالين:

الأوّل: كيف نصوغ النظرة الإسلاميّة تجاه الأحداث الّتي تقع في الغرب من قبل منتمين إلى حركات إسلاميّة متطرّفة؟

الثاني: ما هي المسؤوليّات المترتّبة على هذه الأحداث، من قبلنا كمسلمين، ومن قبل الشعوب والحكومات الغربيّة؟

لماذا نحن معنيّون؟

لا بدّ في البداية من الإشارة إلى أنّ ثمّة تفجيرات وأحداثًا أمنيّة تضرب في مجتمعاتنا ودولنا، هي أشدُّ دمويّة وإجرامًا ووحشيّةً ممّا يضرب في الدول الغربيّة، ولذلك قد يتساءل البعض: لماذا هذا الحرصُ من المسلمين على استنكار كلّ ما يجري في الغرب من أحداثٍ يقوم بها مسلمون؟

هل المسلمون بِدْعٌ من الشعوب التي فيها متطرّفون، تمامًا كما نشاهد ذلك في كثير من الأعمال العنفيّة الفرديّة أو الجماعيّة في مدى العالم كلّه؟

لماذا لا ننشغل بأنفسنا وجمع أشلاء ضحايانا الّذين يسقطون بالعشرات في لحظاتٍ بشكلٍ متكرّر ويوميّ، حتّى بات الاستنكار عَمَلًا روتينيًّا خاليًا من أيّ حرارة؟

لماذا أصلًا نطرح هذا الموضوع على طاولة البحث؟ هل لأنَّ الإنسان الغربيّ أهمّ – في اللاوعي – لدينا من إنساننا العربي والمسلم الّذي أصبح رقمًا بين أرقام القتلى على الطّرقات، أو الأسرى في سجون الاحتلال؟

ثمّ أليست هذه الحكومات داعمةً لما يسمّونه “الإرهاب”، وهم الذين موّلوا وسلّحوا وأمنّوا الغطاء السياسي الدّولي لهذه الحركات المتطرّفة لتعيث فسادًا في دولنا؟ فلتذُقْ تلك الحكومات، ومن ورائها الشّعوب، وبالَ أمرِها؟!

هذه الأسئلة مشروعة، وهي أسئلة يفرضها الألم الذي لم يدع بيتًا إلا ودخله، وسفك الدّم الذي يلطّخ جدران المنازل، وحيطان الأزقّة والأسواق، وما إن تغيّر ملامحه حرارة الشّمس والأيّام، حتى يأتي تفجير جديدٌ مذكِّرًا بأنّ هذا اللّون هو لون الحياة الّذي ينبغي أن لا يفارقها..

ولكن، مع كلّ ذلك، فالأمر بالنّسبة إلينا كمسلمين إشكاليّ؛ لأنّ الفرق بين ما يحصل عندنا من تفجيرات، وما يحصل في الدّول الغربية، أنَّ حكوماتهم لها دور في ما يحصل عندنا من مآسٍ، وهذا يؤدي إلى أن تختلط بِعض المشاعر والأحاسيس والمفاهيم عندما نقارب حدثًا في المجتمعات الغربيّة عمومًا، حيث المشهد ضمن هذه الظروف يمكن أن يؤدِّي إلى حالة من الالتباسات المفاهيميّة والاختلاط في المشاعر؛ بين من يريد أن يفرح ومن يريد أن يرفض، فإذا رفض بَعضُنَا، تبدَّى له موقف هذه الحكومات مما يجري في واقعنا ومجتمعاتنا من قتلٍ وإجرام وتدمير.

والالتباس المفاهيمي أمرٌ ينعكس على الموقف الّذي يقفه الإنسان، فقد يرفض ما ينبغي أن يقبله، وقد يقبل ما ينبغي أن يرفضه، انطلاقًا من منظومته الفكرية الإيمانية، كما يهيّئ الأرضيّة للفتن التي تعمل من خلالها القوى المؤثّرة والأجهزة المتحكّمة بمفاصل السياسة والإعلام، على توجيه الناس في اتجاه مواقف تَخلق وقائع يحتاجونها في تنفيذ مخطَّطاتهم ومشاريعهم.

ولذلك، نحتاج عندما يحدث حدثٌ من هذا النّوع، إلى أن نقف عنده بشيء من التأمّل، لنستعيد الحالة الفكرية والشرعيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة، حتى لا تضيع منظومتنا الفكريّة والأخلاقيّة والشرعيّة وقيمنا الإنسانيّة أمام حالة الغضب أو الحقد، فنصبح كمن نعيب عليهم وهم يفجّرون أنفسهم في مجتمعاتنا، وهم خالون من أيّ شفقة أو رحمة، أو أيّ معايير شرعيّ وأخلاقيّة لا نجدها في أدبياتهم!

تفكيك المشهد وتحديد الموقف

عندما نقف أمام حدثٍ من هذه الأحداث الّتي تستهدف الشعوب الغربيّة، وتقتحم عليها مواقع أمنها واستقرارها، فلا بدَّ لنا من أن نحدّد المعيار الذي نصف به ذلك الحدث أو الفعل. والسّؤال هنا لا بدَّ من أن يتوجَّه إلى فعل القتل والمقتول، بمعزلٍ عن أيّ أمرٍ آخر، فنسأل: هل يجوز لنا قتل هؤلاء لأنّ حكوماتهم تقتل وتدعم من يقتلنا؟ هل يجوز لنا قتل هؤلاء حتى يذوقوا ما نذوق؟ أو – كما هي أدبيّات الحركات الإسلاميّة العنفيّة – هل يجوز لنا قتل هؤلاء لأنّهم كافرون؟

وهنا نرجع إلى أدبياتنا الإسلامية لندرس: ما هي العناوين التي تبيح للإنسان أن يقتل إنسانًا آخر؟

لدينا هنا ثلاث حالات أساسيّة:

الأولى: القصاص، وذلك عندما يقتل إنسانٌ شخصًا بريئًا، فيثبت لوليّ الدّم الحقّ في القصاص من القاتل.

الثانية: الفساد في الأرض، وذلك عندما نكون أمام حالات خاصّة من العمل على ضرب أمن المجتمع وقواعد توازنه.

وإلى هاتين الحالتين، أشار قوله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}[1]، وربّما يشرح الفساد في الأرض قولُه تعالى: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ}[2].

أمّا الحالة الثّالثة، فهي حالة الحرب، وذلك قوله تعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِالَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّلاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}[3].

وبمعزلٍ عن الجدل في الإثبات أو النفي لأيٍّ من تلك الحالات، فلا بدَّ لتطبيقِ الأحكامِ والقوانين من نظام مؤسّسي، كالحكم أو القضاء، ولا يمكن أن يُترَك فوضى بين الناس، فإنَّ أيًّا من العناوين الّتي تطرحها الآيتان، لا تنطبق على تلك العمليّات العنفيّة الّتي يُقتَل فيها أناس أبرياء، وبالتالي، يكون هذا الفعل فعلًا محرّمًا من الناحية الشرعيَّة، من دون حاجة إلى دراسة من هم المقتولون؟ ما هي جنسيّاتهم؟ هل بينهم مسلمون؟ هل بينهم عرب؟ وهل هم منسجمون مع ما تقوم به حكوماتهم؟ وما إلى ذلك من أسئلة…

الانتخاب لا يبرِّر القتل

البعض قد يقول، إنّ هذه الحكومات تدعم الحروب الّتي تعصف بدولنا ومجتمعاتنا، وتقتل يوميًّا العشرات من الأبرياء من أهلنا، وهؤلاء النّاس قد انتخبوا حكوماتهم، وبالتّالي، فهم يتحمّلون مسؤوليّة سياساتها العدوانية، وهذا مبرِّر للقتل!

طبعًا، هذه الطريقة في بيان الحكم الشّرعي لا تخضع لأيّ معيارٍ من معايير العدالة، ولا تتحرّى أدنى دقّة في تحديد موضوعات الأحكام الشّرعيّة في الواقع؛ لأنّ هذه الفرضيّة – لو صحّت، وهي غير صحيحة لما سنبيّنُ أدناه – تفرض التحقّق من كلّ فردٍ، وأنّه هل انتخب هذه الحكومة أو لا؟ ثمّ هل بقي راضيًا عن أفعالهاـ أو تحوّل إلى المعارضة لها؟

وهذ الفرضيّة غير صحيحة بتاتًا؛ إذ الانتخاب هو فعلٌ تنظيميّ يرتكز إلى معايير، وإذا كان يحمّل الإنسان مسؤوليّة الضّمير الأخروي، حيث يحاسب  كلّ من دعم وصول إنسانٍ فاسدٍ إلى مجتمعه، ويعتبره شريكًا في آثاره، إلا أنّ هذا لا يصحّ في أحكام الدنيا، فليس كلّ من انتخب شخصًا مارس القتل يجوز قتله، بل إنما يقتل القاتل في هذا المجال. هذا، فضلًا عن أنَّ الانتخاب يقوم على قناعة بوجود عناصر خير في من يُنتخب، والكثيرون من الناخبين – حتى في الغرب – يخضعون للتضليل الإعلامي والحملات الدعائية التي تصوّر لهم الأمور على غير حقيقتها، فكيف يتمّ تحميل الجاهل مسؤوليّة ما لم يكن السّبيل لديه للعلم به؟!

بهذا المنطق نسأل: هل يُباح لنا أن نقتل شعوبنا التي غالبًا ما توصلُ إلى الحكم فاسدين أو مجرمين؟!

ليس من منطقٍ عقلائيّ في العالم يقبل بذلك، فكيف بشرع  الذي هو منتهى العدالة؟!

الكفر لا يبرِّر القتل

أمّا الحديث عن إباحة قتل هؤلاء باعتبارهم كافرين، فهذا غير صحيح؛ لأنَّ الذي يدرس بدقّة كلّ آيات القتال والقتل في القرآن الكريم، ويضمّ بعضها إلى بعضٍ دون اجتزاء أو انتقاء أو إسقاط، ويدرس طبيعة الظروف والسّياقات المحيطة بها، يخلص إلى قناعة مفادها أنَّ الكفر ليس مبرّرًا للقتل، وينحصر الأمر بما ذكرناه آنفًا من حالات. في موضوع الكفر، يبرز كقاعدةٍ معياريّةٍ قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُعَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّيُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[4]، ففي حالة السِّلم، لا يصحّ من المسلم إلا العدل مع الكافر، والبرّ – وهو الخير – معه، حتّى إنّ الآية الثانية لم تتحدَّث عن قتالٍ، وإنّما تحدَّثت عن النهي عن ولايتهم، والولاية هي الاندماج القائم على ذوبان الهويّة الإيمانية الإسلاميّة في مجتمعات الكافرين، إضافةً إلى التحالف على أساس المشاريع المناقضة لقواعد عمل المسلمين!

الشّعور طبيعيّ.. ولكن!

نعم، قد يتشكّل لدى الإنسان المسلم شعورٌ طبيعي بالتعاطف أو بالرضا أو بالراحة أمام حالات العدوان على الشعوب الغربية، وذلك بسبب المآسي التي تحصل في عالمنا العربي والإسلامي، وجزءٌ منها سببه حكومات الدول الغربية المستكبرة، لكن هذا الشعور الطبيعي ينبغي أن يقيَّد، ولا يأخذ مداه حتى يصبح تبريرًا لما حدث؛ لأنّنا بذلك قد نصبح كالّذين قاموا به، وقد ورد في الحديث: “الرَّاضي بفعل قومٍ كالدّاخل فيه معهم، وعلى الدّاخل إثمان: إثمُ العمل به، وإثم الرِّضا به“[5].

إذا كان الانفعال يدفعنا إلى الشعّور بنوعٍ من الإحساس بأنّ العدالة ليست بعيدة، وأنّ الأيام {نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[6]؛ لأنَّ هناك جهات دولها داعمة لمن يقتلك، ولمن يسرق ثرواتك، ولمن يصادر مستقبلك، ولمن يريدك أن يسجنك في بلدك، ويفرض عليك أنظمة قمعيّة، شعورٌ طبيعيّ أنّه إذا أصيب ببعض ما أصبت به، أن تشعر بشيء من الراحة.

لكن أن يتحوّل هذا الشعور إلى حالة من التبرير لأمر، فقط لأنّه حصل مع غيرنا، أو في دولٍ حكوماتها تُمارس ضدّنا سياسات ظالمة، أو لأنها تدعم كيانات أو دولاً أو أنظمة قمعيّة تعيث في الأرض فسادًا.. فهذا يبرِّر هذه الجريمة؟! هذا غير صحيح.

هنا نقول: لا بدَّ للإنسان المسلم من أن يتعامل مع كلّ موقفٍ بحسابه؛ فعندما يكون الموضوع موضوع قتل فهذا حسابٌ، وعندما يكون الموضوع معارضة حكومات فبحساب، وحتى عندما نريد أن نتحدَّث عن السّنن، كما ورد في قوله تعالى: {وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ}[7]، أو {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً}[8]، باعتبار أَنَّكُم – أي الحكومات الغربيّة –  تدعمون فئات متطرّفة، وهذه لديها مشكلة بنيويّة معكم، كما لديها مشكلة مع مجتمعاتها! وإذا كنتم الآن تدعمونها في اتّجاه، لكنها لن تبقى كذلك! فبعض أفراد الحركات المتطرّفة في عقر دياركم! وإذا كنتم تعاونتم مع كثير من الجهات التي تُمارس الدعوة الإسلامية، لكنكم لم تدقّقوا في مضمون هذه الدعوة والثقافة، وأنها ثقافة متطرّفة، فأنتم تنشرون عناصر التفجير في مجتمعاتكم! وهذا أيضًا كلّه بحسابٍ، ولا يبرِّر قتل الأبرياء!

لا بدَّ لنا كشعوب إسلاميّة معنيّة بما يجري عندنا وفي العالم، أن نتحدَّث مع الشعوب الغربيّة أنّ حكوماتكم سببٌ في ذلك، وأن نعمل على مخاطبتهم على قاعدة أنّ المصاب مشترك، وأنّ الهمّ واحد، وأنّ المشكلة تعني الجميع… هذا المنطق يختلف عن المنطق التبريري الّذي يسقط تحت تأثير الخلط بين الأمور والقضايا، فيحمّل الناس مسؤوليّة سياسات حكوماتها بالمستوى الذي يبرّر قتلهم؛ لأنَّ تبرير القتل في النهاية يعني أنَّ الذي يبرِّر هو مستعدّ لأن يكون مكان القاتل! ومن الواضح لنا أنَّ هذا بعيدٌ عن وجهة الكثيرين ممّن يتعاطفون مع أعمال العنف والإجرام الّتي يقوم بها متطرّفون مسلمون!

مسؤوليّة ما بعد الحدث

هذه الأحداث، بالرغم أنّها لا تخضع لميزان شرعي، وليست مقبولًة بمنطق العقل والإنسانيّة، هل إنّها لا ترتّب شيئًا على هذه الحكومات والشعوب؟

إنّ مثل هذه الأحداث، إذا كانت ستمرّ، وما بعدها سيكون تمامًا كما قبلَها، فمعنى ذلك أنّنا كشعوب غير قادرين على أن نبيّن حقّنا الذي نُضطهَد على أساسه، وأنَّ الغربيّين كشعوب، غير واعين لما تقحمهم به حكوماتهم، وأنّ هذه الحكومات تستكين إلى مشاريع أخرى يهمُّها عندئذٍ أن تستغلّ هذه الأحداث لمصلحة تلك المشاريع، وليست صادقةً فعلًا في محاربة هذا اللّون من ألوان الجريمة التي يطلقون عليها مصطلح “الإرهاب”.

وهنا نطرح عدّة نقاط:

أوّلًا: المقاربة العلمية

لو حصل هذا الحدث من شخصٍ ليس مسلمًا، وليس من أصول عربيّة أو إسلاميّة، وكما حصل في كثير من المناطق في العالم، بأن يأتي هذا الشخص ويفتح النار على طلاب مدارس آمنين، أو أناس يسيرون في الشّارع، أو في متجر… ما هو السّلوك المتَّبع عادةً في تلك البلاد، ومن قبل المسؤولين؟

تتمّ دراسة الحالة، بكلّ خلفياتها وظروفها والعوامل التي تقف وراءها، القريبة منها والبعيدة الّتي أدَّت إلى ذلك، ثمّ يتمُّ تحديدُ الموقف، تجاه الفرد والجماعة، وبعدَ ذلك، يُقامُ بتدخّلٍ طبقًا لخطط قصيرة الأمد ولخططٍ طويلة الأمد.

أمّا الحكومات الغربيّة، ووسائل الإعلام لديها، وحتّى نحن في مجتمعاتنا، فماذا نصنعُ أمام ذلك؟

نركن إلى التعميم والتنميط، كما وجدنا في تصريح الرّئيس الفرنسي الذي أعقب أحداث نيس (فرنسا)، قال: “إنّ فرنسا تحت تهديد إرهاب الإسلاميّين”. هذا اللّون من التصاريح، وبمعزل عن أنّه يستخدم مصطلح الإسلاميّين بدل المسلمين، يعتبر المسلمين المتديّنين نمطًا واحدًا، من النّاحية العمليّة على الأقلّ، وهو يمارس تعميمًا للفعل على كلّ الإسلاميّين المنتمين إلى حركات إسلاميّة متنوّعة الخطاب والبنية الفكريّة والعمليّة. وهذا سيشمل بطبيعة الحال – وهذا من سخرية الأمور – الّذين يستنكرون الحدث، والذين يقاومون مثل هذا الحدث، والّذين يشتركون في المصائب جرّاء هذا اللّون من ألوان السلوك العدواني الإجرامي العنيف!

هنا، من حقِّ التَّحليل السياسي أن يقول: إنَّ هذه الحكومة لديها مشروع ما خلف الكواليس، يقوم على إلصاق التّهمة وتعميمها على الإسلام، أو أنّها تستغلّ الحدث لمصالح داخليّة أو انتخابيّة أو لأمر آخر… لا شغل لنا بالغوص في التّحليل هنا، بقدر ما نشير إلى أنَّ هذا اللّون من التصاريح والمواقف، لا يخضع للمعايير ذاتها عندما تتمّ صناعة حدث من قبل أشخاص لا ينتمون إلى المجال الإسلامي.

من المنفّذ؟ أين كان يعيش؟ أين كان يتلقَّى تربيته وتعليمه؟ ما هي الأزمات المجتمعية الموجودة في المجتمع؟ ما هي الأفكار التي يعتقدها؟ وما هي العوامل الّتي تساهم في تحويل هذه الأفكار إلى حالة سلوك عدوانيّ إجراميّ وحشيّ؟

إذا لم ندرس الأمور بشكل علميّ، فنحن نساهم في تفاقم المشكلة؛ لأنَّ مسألة التّنميط والتّعميم تريح هؤلاء المتطرّفين، وتجعلهم أقوى من حيث السند والامتداد الاجتماعيّين؛ لأنّه يجعل من خلفَهم هو العالم الإسلامي كلّه بنظر الآخرين، ويكفي المتطرّف العدواني السّلوك، أن يجد هذه الفكرة في خلفية المجتمعات التي يهاجمها..

التّنميط يساهم أيضًا في خلق حالة من الشّعور بالمظلوميّة من قبل المسلمين الآخرين، حتى غير الموافقين على سلوكه؛ لأنّ التّنميط يجعلهم ضمن دائرة الاتهام والملاحقة والشكّ والرّيبة، وهذه كلّها عوامل قد تساهم في دفعِ بعضِ النّاس إلى القيام بردود فعل تبريرية أو حتى عدوانية.

هناك، لا بدَّ من أن يدخل علم الاجتماع والأنثروبولوجيا وعلم النفس والتربية والاقتصاد والسياسة، وندرس العوامل التي تساهم في صناعة ظاهرة ما، والظّروف الطّارئة والأصيلة..

ألا ينبغي أن يُدرَس التّهميش في فرنسا تاريخيًّا في تأثيره في المجتمع، بمعزل عن انتماءاته؟

ألا ينبغي أن يُدرَس أثر العلمانية “التكفيرية” المطبّقة على ذلك المجتمع أيضًا؟

هل هذا يوجد بيئة حادّة في مشاعرها وردود أفعالها؟ هل يساهم في تشكّل بيئة طبقيّة يستكبر فيها قوم على قومٍ آخرين يشتركون معهم في المواطنة والحقوق المدنيّة بحسب الانتماء الوطني؟ وما إلى ذلك من أسئلة ينبغي أن يُقارب من خلالها الواقع، لتحديد الرؤية والمسار اللّذين على أساسهما يتمّ التفكير في الحلول..

لماذا هناك إسلاميّون في مكان آخر لا يمارسون هذا اللّون من الأفعال؛ بل هم ينظرون إلى العلاقة الإيجابيّة بين المسلمين وغير المسلمين، وينطلقون ليُغنوا الحياة بتجاربهم وإبداعاتهم في مختلف العلوم والتخصّصات، ويكونون مواطنين صالحين في البلدان التي آوتهم من شظف العيش، أو من قمع السياسة في أوطانهم الأصلية، ويربّون أبناءهم على أن يكونوا مواطنين صالحين، بمنطق ذاتيّ، لا من خلال القانون المسلّط عليهم فقط، لأنّهم يشعرون بأنّهم – كمسلمين – مسؤولون عن ترسيخ المبادئ الإسلاميّة التي يعتقدون أنّها الحقّ، وأنّ السير عليها يمثّل الفلاح في الدنيا والآخرة، وأنّ الانحراف عنها يخضعهم للمساءلة من قبل الله  عزّ وجلّ قبل البشر!

هذا كلّه لا يُلاحظ أبدًا، ويغيب عن المواقف السياسيّة، وعن وسائل الإعلام، وعن حركة مراكز الدراسات والأبحاث، وإنّما يُرمى العنوان الإسلاميّ إلى الواجهة، فيقال: فلان إسلامي..

حتى التّوصيفات التي باتت مستخدمة! يقال: هذا عمل إرهابي، أو أنَّ هذا العمل لم يثبت كونه عَمَلًا إرهابيًّا. ماذا يعني ذلك؟ يعني أنّ الفعل الأوَّل قام به مسلم، وأنَّ الفعل الآخر لم يقم به مسلم! أو أنّ الدوافع للقيام بالفعل الأوَّل هي دوافع إسلاميّة، وليست كذلك الدّوافع التي قام بها الآخر..

ما هو الفرق – في الفعل الإجرامي والعدواني – بين الذي دهس الناس بشاحنته في فرنسا، وبين الذي أطلق النار على طلاب المدارس في إحدى مناطق الولايات المتحدة الأمريكية؟

إذا كانت الأفكار المتطرّفة هي أحد العوامل الّتي تدفع إلى الجريمة في الحالة الأولى، فكذلك هناك أفكار متطرّفة تدفع إلى ذات الفعل الإجرامي في الحالة الثّانية؛ وهذه الأفكار لها علاقة بالنظرة إلى الناس، إلى حقّهم في الحياة، وإلى الحريّة وعلاقتها بالفعل العدواني وما إلى ذلك.. هذه أفكارٌ لا دين لها؟ الدّين قد يكون حافزًا قويًّا بلا شكّ! لكنّ الدّين هنا هو معتقدات الإنسان وقناعاته الّتي ساهمت في تشكّلها عوامل عديدة، إلى جانب العامل الديني، بمعزل عن نوعية الدّين..

المقاربات العلميّة هي التي تجعل العالم يتحرّك بطريقة عقلانيّة تجاه الأزمات التي تعصف بالعالم اليوم، والّتي يصيب النّاس في الغرب، هو عين ما يصيب الناس في الشرق..

وفي هذا السّياق، لو تأمّلنا في الإعلام الغربي – في غير الحالات التي يقوم بها إسلاميّون – كيف يصوغون الخبر؟ ما هي المصطلحات التي يستخدمونها؟ إِنَّهُم أحيانًا لا يذكرون المنطقة التي جاء منها، حتى لا يوجدوا الرّبط بين الحيّ السكني للقاتل وبين القتل، أمّا بالنّسبة إلى المسلمين، فالمسألة سهلةٌ في تعزيز الروابط الذهنيّة بين الإسلام والجريمة، وبين المجتمعات الإسلاميّة و”الإرهاب”!

ونحن نقع في هذا المنزلق ـ مع الأسف ـ عندما نستخدم نحن هذه الطّريقة وتلك المصطلحات دونما تدقيق في مفاهيمها ودلالاتها المرتبطة!

لا بدّ لنا من أن نحدّد نحن مصطلحاتنا، في خطابنا، ونفرضها في ساحة التّداول الإعلامي والسياسي، حتى لا نساعد على أنفسنا.. إذا كنتم تتحدّثون عن الإرهاب، فتعالوا لنحدّد مفهوم الإرهاب، ثمّ نطبّقه على كلّ مصاديقه، من حيث الفعل الخارجي المادّي المحسوس؟ وإذا كُنتُم تتحدثون عن عنف، فلماذا تجرُّ الباء هنا ولا تجرّ هناك؟!

وإذا كُنتُم تتحدّثون عن ضرورة المقاربات العلمية للموقف، فلماذا يتمّ الغوص في العوامل المتنوّعة، وبشكلٍ معمَّق، في حالة العنف من غير المسلمين، قبل اتخاذ أيّ موقف،؟ بينما لا يحصل أدنى من ذلك في حالة المسلمين؟

أليس المسلمون شعبًا من شعوب العالم؟ من جنس البشر؟ يعاني بعض أفرادهم من أزمات نفسيّة؟ ويخضعون لأزمات اجتماعيّة؟ ولضغوط اقتصادية؟ ولسوء تربية؟

هم كسائر الناس! قد تُستغَلُّ أزماتهم من قبل أجهزة مخابرات خارجية، أو من قبل الحكام الذين يتسلّطون على رقاب الناس، أو من قبل إسلاميين يعيشون التطرّف في الفكر، ويجدون من يدعمهم في ذلك…

ولذلك لا يصحّ أن يقال: هذا إرهاب الإسلاميّين! بل لا بدَّ من أن يقال: هذا فردٌ قام بعمل إجرامي فقتل وجرح.. وعندما نتحدَّث عن أفكاره المتطرّفة التي لها منشأ ديني، فنقول إنّه ينتمي إلى مجموعات إسلاميّة ذات فكر متطرّف، لها نمط خاصّ من السّلوك والتّعبير تجاه الذات أو الآخر، ولا نضع جميع المسلمين في سلة واحدة!! وذلك عندما يثبت لدينا أنَّ العوامل الأساسية التي أمّنت الأرضيّة الخصبة لممارسة هذا العمل، أحدها هو الأفكار ذات المنشأ الإسلامي، ولا نعمِّم أيضًا على سائر الإسلاميين الذين يخالفونه في المنهج والأفكار؛ بل يجرّمونه على العمل.

هذا أمر غير علمي، ولا حضاري ولا إنساني؛ لأنّه يتمّ أخذ الأبرياء بذنب المجرمين، والأنكى من ذلك، أنّ الأبرياء يعترفون أنَّ هذا إجرام، ولكنّهم أحيانًا يشعرون بأنهم بين نقيضين من المشاعر، فتختلط عليهم الأمور….

ثانيًا: مسؤوليّة تأجيج العنف العالمي

ما هي المسؤوليّات المترتّبة على الحكومات الغربيّة تجاه العالم العربي والإسلامي، بدءًا من زرع الكيان الصّهيوني الذي فرض نمطًا من السياسات الخارجيّة التي تسمح ببروز ديكتاتوريات في دول المسلمين، وتعمل على حمايتها من كلّ حركات المعارضة الداخليّة، ومن التغيير أو التطوير، وتسكت عن سحق الشعوب في السجون، وقتلهم في مراكز التعذيب، وتتواطأ مع فئات من الحكام الظلمة في سبيل إفقار شعوبهم أكثر… ثمّ يُحمَى هذا الكيان من أيّ مطالبة دوليّة، ويمنع صدور أيّ قرار إدانة لجرائمه الّتي ترتكَب بحقّ الأطفال والنّساء والشيوخ والعزّل، ويتمّ تجميد كلّ حقوق الإنسان لأجل أن لا يطالَب هذا الكيان؛ بل يصبح عضوًا في الأمم المتّحدة، ويتمدَّد في مؤسّساتها.. ويُسكَت عن احتلاله للأرض ومصادرته للثّروات، وتُضرَب كلّ حركة مقاومة لهذا الاحتلال أو يتمّ شيطنتُها، وتُدعم – دوليًّا – السياسات الّتي تقتل طاقات الإبداع في الأمَّة، وتدفعهم إلى الهجرة إلى بلدان الغرب، وتُمنع كلّ تنمية قائمة على الاستقلال والحريّة وأولويّات الشعوب في التحكّم بمصيرها وصناعة مستقبلها.. كلّ هذه عوامل تساعد على نموّ التطرّف العالمي، على مستوى المنطقة والعالم.

هذه سياسات، إذا لم تتمّ إعادة النّظر فيها، فكيف يمكن أن يُحارَبَ التطرّف والعنف في العالم؟!

هذا الّذي يحصل في فرنسا، وفي أمريكا، وفي تركيا، وفي أيّ مكان في العالم، كما يحصل في عالمنا العربي والإسلامي، هو جزءٌ من مناخ عنفيّ عالميّ، ساهمت فيه كلّ هذه الدّول والسياسات.

ثالثًا: مسؤوليّة الثقافة الدعوية

هناك عمليّة تثقيف ديني في التجمّعات الإسلامي، سواء في المساجد أو المراكز الإسلاميّة المنتشرة في أكثر من بلد أوروبي. ما ينبغي إدراكه من قبل المجتمعات الغربية، وكذلك من قبل حكوماتها، أنّ هذه الثقافة هي امتداد لتنوّع المسلمين في دولهم ومجتمعاتهم. لا يمكن في هذا المجال غضّ النظر عن هذا التنوّع في توقّع النتائج المترتّبة على أنماط معيّنة من التثقيف الإسلامي، وهي الّتي في طبيعتها لديها موقف تكفيريّ من عدد من المذاهب أو الاتجاهات الإسلاميّة، فضلًا عن غير المسلمين. ولا يقتصر المنحى التكفيري على الجانب الفكري، وإنما يتعدّاه إلى الإقصاء التّعبيري والعملي، وهو نمط ثقافي من شأنه أن يشكّل عاملًا مساعدًا على العنف في المجتمعات الغربيّة، كما في مجتمعاتنا الإسلاميّة، إذا ما توافرت ظروف وعوامل موضوعيّة مساعدة…

من الطبيعي أنّ الموقف السياسي الغربي الّذي يضع الإسلام كدينٍ في موقع المواجهة، سوف تناسبه هذه القراءة الإقصائيّة؛ لأنّها تعتبر حِينَئِذٍ عاملًا مساعدًا على التأثير في الرأي العامّ لشعوبها، بما يجعله يتبنّى سياسات أو قوانين أو قرارات حكوميّة مضيّقة على المسلمين في الدول الغربية، وخصوصًا مع وجود عوامل ديمغرافية قد تخيف تلك الدّول على المدى الطويل؛ لأنّ المسلمين لديهم معدَّل نموّ سكاني أكبر ممّا هو لدى الجماعات غير الإسلاميّة فيها.

ولكنّ هذا الأمر، أعني التبنّي أو التسهيل للقراءة الإقصائيّة لبعض الاتجاهات الدّعوية الإسلامية، هو سيفٌ ذو حدّين، ولا سيَّما في ظلّ حديث البعض عمّا يشبه عمليّات تلزيم للدّعوة الإسلامية لبعض الجهات الإسلامية التي تملك رؤوس أموال ضخمة يمكنها أن تساهم في دعم الاقتصاد في بعض الدول الغربية، وهذه الجهات تحمل ذلك اللّون من الفكر الذي يشبه انتشاره زرع عناصر تفجير داخليّة في قلب المجتمعات الغربية.

وبالتالي، فعلى هذه الدول الغربيّة، أن تحدّد نسبة المسؤوليّة في نشر نوع معيّن من الثقافة الإسلاميّة المتطرّفة، والمسؤوليّة عن عدم البحث بجدّية عن الألوان الأخرى من الفكر الإسلامي، والّذي يمكنه أن يحقّق مستوًى من التجانس بين المسلمين وبين مجتمعاتهم الّتي يعيشون فيها، من دون أن يشعروا بأنّهم يتنكّرون لإيمانهم وإسلامهم، وهو فكر يؤسّس لسلام ذاتي على المستوى الفكري والثقافي بين الشرق والغرب، بين المسلمين وغير المسلمين، وهو جزء من النصِّ الدّيني ذاته؛ بل على العكس من ذلك، وجدنا أنَّ هذا اللّون من الفكر قد صُنّف إرهابيًّا وتمّت شيطنته، نتيجةً لاصطدامه بالمصالح الاستكباريّة التي يُراد فرضها على المنطقة.

هذا لا بدّ من أن تعيروه اهتمامًا في التفكير في المشكلات وأدواتها وواقعها.. وإلا ستكون الأحداث العنفيّة سببًا في زيادة منسوب العنف بدلًا من تخفيفه، إضافةً إلى تأسيسها لأزمات داخليّة في المجتمعات الغربيّة نفسها؛ والله من وراء القصد.


[1]  سورة المائدة: 32.

[2]  سورة البقرة: 205.

[3]  سورة البقرة: 190.

[4]  سورة الممتحنة: 8ـ 9.

[5]  محمدي الريشهري، ميزان الحكمة، ج3، ص1947.

[6]  سورة آل عمران: 140.

[7]  سورة آل عمران: 140.

[8]  سورة الأنفال: 25.